التصوف بين حقد وتجني اعداءه وجهل بعض ادعياءه

التصوف بين حقد وتجني اعداءه وجهل بعض ادعياءه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين 00وبعد
نعم لقد قالوا ان التصوف قد اخذ شرعيته الاولى من اهل الصفة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،حيث كانوا بالغداة والعشي يريدون وجه الله تعالى ، وقيل ان الاسم مشتق من لبس الصوف كنوع من الزهد وقيل من صفاء الروح والقلب وقيل غير هذا، والمهم ان التصوف هو الاهتمام بتطبيق الركن الثالث من الدين وهو مقام الاحسان،أي ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ، وذالك بعد اتقان ركني الاسلام والايمان ، وقيل ان التزكية للنفس يجب ان تسبق تطبيق الاحسان ،وان صحبة الصالحين هي خير وسيلة لبلوغ هذا الهدف النبيل ،أي ان التصوف هو التطبيق العملي للاسلام العظيم0
لكن السادة المتصوفة عندما زكت نفوسهم وصفت قلوبهم وسمت ارواحهم ، نشطت جوارحهم بالعبادة وصالح الاعمال ، ونطقت السنتهم بالحكم والالهامات ،وجميل الاشعار بالتضرع الى الله تعالى والشوق اليه ،ولكن بعضهم زاد في العبادة وتفرغ للاذكار والتأمل في ملكوت السموات والارض، وفي غمرة الايمان والتجليات والانوار التي غمرت قلبه ، شذ لسانه عن جادة الصواب ، وغاب وعيه فنطق بغريب الالفاظ والعبارات ، وغالبهم كان يعرض ما يخطر بباله أو على قلبه على الشرع الحنيف ، فان وافق ذالك فنعم هو ، وان لم يوافق الشرع الحنيف ، كان يعرض عنه ويطرحه جانبا ،وهذا شأن الصوفي المسلم الملتزم بالشريعة أي بالكتاب والسنة 00
ولكن منهم من شذ عن جادة الصواب وظن ان الهاماته وكشوفاته تعادل الهامات الرسول محمد سلى الله عليه وسلم ،بل اتى بما لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فادعى الالوهية او علم الغيب او فتح الجنان او اغلاق واطفاءالينران ،ومنهم من ادعى ان الله تعالى حل فيه فهو اله بالباطن انسان بالظاهرأو انه لاهوت بالباطن ناسوت بالظاهرحسب تعبيره والعياذ بالله تعالى ، وعندما يعترض معترض على هذا الهراء والسخف والضلال ،يأتي بعض علماء السوء- في هذا العصر - من بعض جهلة العلماء المنسوبين كذبا وزورا على المتصوفة فيتفلسف ويقول :ا ن هذا العبارات المخالفة للشريعة في ظاهرها هي امور ذوقية وكشوفات غيبية خاصة بالاولياء ولا يدركها الا أهل السلوك والاذواق، ويتنطع آخر وقول :لو ذقت ما ذاقوا لنطقت بما نطقوا 00الى غيرذالك من الاكاذيب ووساوس الشيطان الرجيم وتلبيساته على هؤلاء الاغبياء المحسوبين على علماءالتصوف- مع الاسف ، لانهم احيانا يتزيون بزيهم والعياذ بالله تعالى 00
ولكن الحق يقال فان هذه النماذج الاخيرة هي قلة قليلة وشواذ اذا ما قورنوا بجماهير العلماء من المتصوفة قديما وحديثا ، حيث اشتهروا جميعا بتمسكهم بالكتاب الكريم والسنة المطهرة ،وجميع شيوخ التصوف المشهورين قد أوصوا بان يعرض كلامهم وما ينسب اليهم على الكتاب والسنة والاحتفاظ بالموافق لهما فقط ، ولكن المصيبة الكبرى هي ببعض الجهلة من بعض اتباعهم ، الذين يتمسكون أو يتذرعون( بفكرة لزوم الادب مع اولياء الله تعالى واتباعهم حتى وان اخطئوا في اجتهاداتهم لأنهم معصومون في نظرهم او مأذونون من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الله تعالى مباشرة )، وهذا كذب وافتراءعلى اولياء الله تعالى من بعض الجهلة من بعض اتباعهم 00مع الاسف الشديد0والشيوخ بريئون من هذا الافتراء 0
من ناحية أخرى، فان اعداء التصوف يأتون الى المنحول او المكذوب على لسان المتصوفة
ويحكمون من خلاله على جميعهم بالكفروالضلال ، او يأتون الى احد الجهال أو فاقدي الوعي من المتصوفة ويثبتون كلامه وتخبيصاته ويأخذونها مثالا على أن جميع المتصوفة هكذا مجانين او فاقدي الاهليه او متحللين من الشريعة..
والحقيقة التي لا مراء فيها ان التصوف الاسلامي هو بريء من الجهال المتعصبين للشطحات والمخالفات الشرعية من اتباعه ،وبريء من التهم الظالمة التي يرميه بها اعداء الحاقدون00
واذا كان المتصوفة يؤمنون بجواز الأستغاثة بالرسول والاولياءوالصالحين فانه على المجاز لا الحقيقة ،لان الفاعل حقيقة هو الله تعالى ،واذا كانوا يستحبون زيارة القبور فهو للتبرك والعظة وليس لعبادتها ابدا 00واذا كانوا يعظمون جانب العلماء والمشايخ فلأنهم وراث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن الكهنوت لايوجد بالاسلام ،والشيخ مهماعلت مرتبته فهو عبد لله تعالى ولايضر ولا ينفع ، واذا خرج احدهم عن حدود الشريعة وتلفظ بما يفيد الزندقو والحلول فان سيف الشريعة البتار يكون بانتظاره ، وأمره الى الله تعالى،
واذا كنا لا نكفر احدا من المسلمين ونحسن الظن بهم ، فاننا لا نسكت عن الاجتهادات الخاطئة بالعقيدة خصوصا وبالشريعة عموما ، فالانسان مخلوق لله تعالى،وليس ندا أو نظيرا او شبيها أو ولدا له تعالى ، والله تعالى ليس كمثله شيء، ورسولنا محمد هو عبد الله ورسوله، وهذه هي الحقيقة المحمدية 00 صلى الله عليه وسلم 00
ولقد أحسن شيوخ التصوف الكرام عندما صرحوا في مقدمات كتبهم ان عقيدتهم هي عقيدة اهل السنة والجماعة ،وان مذاهبهم هي المذاهب الاربعة المشهورة ،وان المقياس لديهم هو الالتزام بالشريعة الغراء، وصرحوا جميعا ان من تصوف ولم يتشرع فقد تزندق00وان الحقيقة بيت والشريعة بابه ، أي ان التصوف هو التطبيق العملي للاسلام العظيم 0
والهو اعلم00
والحمد لله رب العالمين00