اكتشاف البترول والفضائيات المشبوهة

بسم الله الرحمن الرحيم..
اكتشاف البترول والفضائيات المشبوهة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل المرسلين سيدنا محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد..
لا زلت اكتشف كل يوم محطة فضائية اسلامية جديدة وذات برامج دينية عامة مما يجعل المرء يحمد الله تعالى على نعمة اكتشاف البترول في بلاد العرب والمسلمين والتي كانت امثال هذه المحطات الفضائية احدى ثمارها الخيرة..كما قد يبدو للوهلة الاولى..
ولكن ما ان يتابع المرء أيا من هذه الفضائيات حتى يكتشف مدى الظلام الدامس وراء هذا السراب البراق الخادع ،ومقدار دس السم بالدسم وتزوير الحقائق وتشويه معالم الدين الاسلامي الحنيف من خلال برامج ودروس دينية لمشعوذين يتزيون بزي الدين الاسلامي العظيم..وليس من الضروري ذكر الاسماء، فالغاية ليس التشهير باشخاص وانما للتحذير من نهج مدرس بعناية فائقة لافساد حياة الامة والعبث بتعاليم العقيدة الاسلامية العظيمة عقيدة اهل السنة والجماعة عقيدة اهل المذاهب الاسلامية الاربعة المشهورة الشافعية والحنابلة واالمالكية والاحناف وأتباعهم من شيوخ التصوف الاسلامي.. رضي الله عنهم اجمعين .
وكمثال على ذالك فقد تابعت درس واعظ تم بثه يوم 26 رمضان الحالي نهارا على احدى تلك الفضائيات ، قال الواعظ الشيخ – في جواب على سؤال افتراضي :اين الله تعالى ..فقال بالحرف : ( اذا قلنا ان الله هو تحت فهذا لا يجوزان يكون تحتنا واذا قلنا انه بجانبنا فأيضا لا يجوز حتى لا تصبح هناك ندية..اذا يجب ان نقول ان الله تعالى هو فوقنا ..فوق مخلوقاته ..على الحقيقة ..وليس على المجاز..والدليل هو قوله تعالى : وهو القاهر فوق عباده..اليه يصعد الكلم الطيب .ثم انه بذالك نتخلص من عقيدة الحلول والاتحاد الحلاجية .) انتهى كلامه..
اقول : ان هذا منطق اعوج في الاستدلال لان السؤال : اين الله تعالى هو بالاصل لا يجوز ، لان كلمة اين هي للمخلوقات وليس لله تعالى ، والله تعالى لا يحده زمان ولا مكان وهذه من ابجدية علم العقيدة لدي عوام المسلمين..ومن المسلم به ان الله تعالى هو خالق الزمان والمكان ..
وقد ورد بالحديث الشريف ان الله تعالى كان ولا شيء معه وانه الان على ما عليه كان ، او فيما قال صلى الله عليه وسلم ، أي ان صفاته وافعاله لم تتغير ، والله تعالى لا يحده زمان ولا مكان، لذالك لا يزال الذين يزعمون ان الله موجود فوق مخلوقاته ، يقولون بحرمة الاعتقاد بنزول البشر فوق القمر او غزو الفضاء ، حتى لا ينكشف سخف اعتقادهم ان الله تعالى موجود فوق الاكوان وكانه جرم وله جسم .. والعياذ بالله تعالى.
وأما عقيدة الحلول والاتحاد الحلاجية فلا توجد الا في عقولهم العفنة وكتابات المستشرقين الجهلة الحاقدين ، فلم يقل احد من شيوخ التصوف المعتمدين بعقيدة الحلول والاتحاد الباطلة ، ومن تفوه بعبارات تخالف الشريعة في ظاهرها نال عقابه بالدنيا والله اولى به يوم القيامة..ولا نكفر احدا من المسلمين بسوء الظن أو لأقوال نسبت اليه زورا ..والتكفير هو سلاح الجاهلين ..الا في شروط دقيقة مفصلة في متون العقيدة..
وقد امرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالتفكر في خلق الله وعدم التفكر في ذات الله تعالى ، لان الله تعالى هو شديد المحال،وقد قال الله تعالى (فانظر الى آثار رحمة الله كيف يحيي الارض بعد موتها ان ذالك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ) سورة الروم 50..

والشر الاعظم يتبدى في هذه المحطات المشبوهة عندما تسيء الظن بغالبية المسلمين من اهل السنة والجماعة ومنهم المتصوفة الكرام فتنعتهم بالشرك بالله تعالى وبالجهل بتوحيد الربوبية – حسب تقسيماتهم المبتدعة - ، وقد فصل ذالك الواعظ المتمشيخ بعضا مما يعنيه بتوحيد الربوبية ، فزعم ان من يتوسل بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم يكون قد اشرك بالله تعالى ومن زار القبور والمقامات للتبرك يكون قد اشرك بالله تعالى ومن قال مثلا :يا رسول الله.. يكون قد اشرك بالله تعالى – حسب أوهامه وسوء ظنه بالمسلمين ، والعياذ بالله تعالى..
وكذالك فانهم - في هذه المحطات المشبوهة - يدعون الى توحيد الصفات .فيقولون بوجود صفات اليدين وصفات الساقين وصفة الفم وصفة العين وصفة الضحك وصفة الوجه..الى غير ذالك من الهذيان والترهات التي لا يقول بها حتى العوام من المسلمين، فما بال هؤلاء القوم الجهلة.يتمادون بذالك .ثم لا يستحون من الله تعالى فينشرون ضلالاتهم وجهلهم وعلى الفضائيات دون حياء او خجل من الله تعالى وتحت اسم تصحيح عقيدة المسلمين..
بل وينعتون كل من يخالفهم في اعتناق هذه الجهالات والسخافات والبدع بالكفر او الشرك والضلال بل ويستبيحون دمه وعرضه وماله .ويبيحون قتله وقتاله ليجبروه ويرغموه على اعتناق افكارهم الهدامة ولو بالقوة ..
وهكذا يؤسسون لنشوء قتال اسلامي اسلامي ويسعون لاراقة دماء المسلمين كما يجر ي الان في الصومال وبقاع كثيرة من عالمنا العربي والاسلامي..
بل انهم وبموجب تلك الافكار والعقائد الهدامة اقدموا على هدم اغلب الاثار الاسلامية واثار الصحابة الكرام وال البيت الكرام في بلاد الجزيرة العربية ، وبعضهم يدعو وبكل صفاقة ووقاحة لاخراج ضريح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد النبوي الشريف – لانه شرك او بدعة حسب وهمه والعياذ بالله ..
وبعضهم يدعو لهدم جميع الاضرحة ومقامات الاولياء والصالحين في جميع البلاد الاسلامية مع ان اغلبها موجود في مساجد اسلامية وعلى مر العصور..مما يفتح ويبدأ حربا لا نهاية لها.. والسبب الاوحد لذالك هو جهلهم بالعقيدة الاسلامية وسوء ظنهم بالمسلمين ..اي انهم يكفرون اكثر من مليار ونصف المليار مسلم.والعياذ بالله .
فاذا كان اكتشاف البترول في بلادنا هو نعمة من الله تعالى لنصرف مردوده في مرضاة الله تعالى وتقدم البشرية ، فان بعض هؤلاء القوم استغلوا عائدات البترول في دعم الاسلحة الفتاكة وبناء الخمارات وبيوت الدعارة وصالات القمار ودعم اعداء المسلمين وفي انشاء هذه المحطات الفضائية المشبوهة التي تعمل على تشويه عقائد المسلمين..مما جعل من نعمة اكتشاف البترول نقمة ولعنة على المسلمين..وان الفقر المدقع و المجاعات المنتشرة في اغلب انحاء العالم الاسلامي لهي وصمة عار في جبين اصحاب البترول والبشرية جمعاء ..
واذا كانت حرية الفكر والرأي مكفولة بكل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية واذا كان لا اكراه بالدين ..فان الصدق والشفافية مطلوبة من الجميع ، فلا داعي لاخفاء افكار وجتهادات محمد ابن عبد الوهاب التي تدعو الى تجسيد الذات الالهية وانه في السماء وفوق مخلوقاته حقيقة وليس مجازا وتشبيهه بخلقه من حيث الوجه والاعضاء والحركات والعياذ بالله ، وتحريم التوسل بالرسول محمد وزيارة القبور وبناء الاضرحة ثم نسب كل ذالك الى عقيدة اهل السنة والجماعة زورا وبهتانا ، لان عقيدة اهل السنة والجماعة – عقيدة ابي جعفر الطحاوي تدعو الى التمسك بالايات المحكمات مثل قوله تعالى : ليس كمثله شيء ..ولا تدركه الابصار..ولا تضربوا لله الامثال وهم يجادلون بالله وهو شديد المحال،وتدعوا الى الايمان بالايات المتشابهات كما جائت وانها من عند الله ،وتأويلها بما لا يتعارض مع الايات المحكمات عند الضرورة، فالاية يد الله فوق ايديهم لا تعني ابدا ان لله تعالى ايدي لأن الاعضاء من صفات المخلوقين والله تعالى ليس له اعضاء كالمخلوقين، وانما المراد باليد هنا معنى يليق بجلاله تعالى وكذالك الاعين فان كل ما يضاف اليه تعالى يكون غيرمماثل لما يضاف الى شيء من المخلوقات ،ومن اعتقد ان له يدا كشيء منها او اعينا فهو ممن غلب عليه الوهم اذ شبه الله بخلقه وهو ليس كمثله شيء ، وهذا ينسب الى جمهور السلف- كما يقول الشيخ طاهر الجزائري ، واما الخلف فاكثرهم يفسرون الاستواء واليد بالنعمة أو القدرة والاعين بالحفظ والرعاية ، وذالك لتوهم كثير منهم انها ان لم تؤول وتصرف عن ظاهرها أوهمت التشبيه ، وقد اتفق الطرفان ان المشبه ضال ، وغيرهم يقولون انما توهم التشبيه لو لم يدل العقل والنقل على التنزيه ، فمن شبه فمن نفسه أتي ..وهكذا في بقية الايات المتشابهة ،
والله تعالى ليس له جسم محدد او مصور وهو لا يحده زمان ولا مكان ولا تدركه العقول والابصار ولا تكتنفه الاوهام ولا التخيلات ، والفهم السليم لللغة العربية ضروري لفهم القرءان الكريم ، واما اخذ الايات المتشابهة على ظاهرها فهو اسفاف وجهل ولا يليق بعلماء المسلمين ....
وخلاصة القول فان عقيدة اهل السنة والجماعة تقتضي ان نعتقد ان الله سبحانه وتعالى موصوف بالوجود والقدم والبقاء والمخالفة للحوادث والقيام بنفسه والوحدانية والحياة والعلم والقدرة والارادة والسمع والكلام والبصر والكلام ، وانه تعالى حي، عليم ،قادر، مريد، سميع، وبصير، ومتكلم ..ويجب ان تعتقد ان الله تعالى لا يحتاج الى شيء من الاشياء فلا يحتاج الى مكان ولا الى محل ولا الى شيء من المخلوقات اصلا ،فهو الغني عن كل شيء وكل شيء محتاج اليه سبحانه تعالى ..
واذا كان هناك صفات للانسان تشترك في التسمية مع صفات الله تعالى كالعلم والقدرة والارادة والادراك وما شابه ذالك ، فانها تشترك في التسمية فقط وتختلف عنها في الحقيقة والجوهر كما يقول الشيخ عبد العزيز عز الدين السيروان..
اقول :ومع ذالك فليدع كل الى مذهبه وافكاره في هذا العصر، ولكن بصدق ووضوح وصراحة وشفافية ،مع عدم اللعب على الاسماء والمسميات لخداع العامة ، مع عدم تكفير الغير والمخالف وعدم استباحة دمه وعرضه وماله وعد م نشر الارهاب والاغتصاب والقتل بين المسلمين.وهذا هو الحد الادنى للحفاظ على وحدة المسلمين وكيانهم ووجودهم .
أخي المسلم ، ان الاسلام دين عظيم وهو لا يؤخذ من الفضائيات المشبوهة ولا من أي مدع أو متمشيخ جاهل ولو حمل لقب دكتور أو تزي بزي علماء المسلمين، وانما يؤخذ من كتاب الله تعالى ومن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى أيدي العلماء المخلصين الصادقين..

ان في ذالك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد..
والله اعلم.. والحمد لله رب العالمين..