القتل والديمقراطية والحضارة الحديثة المريبة
بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد00
باديء ذي بدء فان هذه المقاربة ليست مختصة بمنطقة أو دولة بعينها وليست تبريرا لأية اعمال قتل أو ارهاب أو تعذيب أو اعتداء ,لأن كل ذالك مدان وبكل المقاييس وفي كل زمان ومكان00بل هذه دعوة للتحذير من كل تلك الاعمال الرهيبة والتنفير منها 00
ان جريمة القتل التي قام بها احد ابني سيدنا آدم – عليه السلام – ضد أخيه الاخر ’ قد خلد ذكرها القرءان الكريم ونفر منها أيما تنفير ومع ذالك فان أولاد سيدنا آدم وعلى مر التاريخ كانوا يرتكبون هذه الجريمة النكراء – جريمة القتل – تحت ذرائع شتى وبنسب متفاوتة00فالبشرية كانت ولا زالت تنزف على الداوم00
فحروب التتار والمغول واجتياحهم الهمجي للعالم العربي والاسلامي وما خلفه ذالك على البشرية من قتل وتدمير وابادة وانهار من الدماء شيء يندى له جبين البشرية00
والحروب الصليبية الغربية والامريكية القديمة منها والحديثة ايضا كان من اهم ركائزها القتل والتنكيل والابادة وسرقة الخيرات والانتقام ومحاربة العقائد المخالفة , دون رادع من ضمير أو اخلاق أو دين أو انسانية ,بل كانت تعلن هذه الحروب احيانا تحت راية بعض رجال الدين المزيفين مع الاسف00وما محاكم التفتيش في الاندلس الا مثالا عن تلك الفظائع التي سجلها التاريخ بسجل من زفت وعار 00
وجائت الغزوات والاستعمار الشرقي والغربي الاوروبي للبلاد العربية والاسلامية فكانت حبلى بعمليات القتل والابادة والترويع المريع حتى صارت الاشعار تتندر للفكاهة وتقول :
قتل امروء في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر00
وقبل هذا وذاك فان دولا عظمى كالولايات الامريكية قامت بالاساس على حساب اصحاب الارض الاصليين – الهنود الحمر وبعد ان تم ابادتهم كلهم تقريبا بحروب غاشمة ظالمة وغزوات مستمرة وبعد حروب اهلية رهيبة ولدت دولة الولايات المتحدة الامريكية ’ذالك الهجين العجيب من شعوب واقوام شتى ، ويتشقدون الان بالديمقراطية 00 وحقوق الانسان, مع أن جرائمهم بحق شعوب بلادهم الاصليين الهنود الحمر لا زالت ماثلة للعيان00عدا عن قتلاهم واباداتهم الجماعية والتعذيب الممنهج الذي مارسوه في افغانستان والعراق والصومال وباكستان واليمن وغوانتناموا وابو غريب وليبيا وانحاء اخرى شتى من العالم لا زالت رائحتها تزكم الانوف00ثم هل طواغيت ودكتاتوريوا العالم هم اكثر من طلاب نجباء وأولاد بارين لأمريكا 0
أما الكيان الاسرائيلي الغاصب الذي تم انشاؤه عام 1948م في قلب العالم العربي في فلسطين - وبموافقة الشرق والغرب وبعض المسلمين المزيفين - بعد طرد وتشريد وسحق وقتل للاكثرية من سكانها الفلسطينيين أو تشريدهم وهدم وسرقة مدنهم وقراهم وممتلكاتهم أي تم احلال شذاذ الافاق مكان سكان الارض الاصليين ثم يقولون ان ما يسمى باسرائيل هي ديمقراطية وحرية وحقوق انسان بل الغرب قد يعتبر اسرائيل اول ديمقراطية بالعالم احيانا..يا للمهزلة ويا للعار ويا لسخف هذه الحضارة التي يواجهوننا بها0
وكذالك الامر بالنسبة لبعض الامارات والممالك العربية والاسلامية في العصر المتوسط والحديث , فاكثرها قد نشأ بعد حروب دامية وغزوات جائرة وعمليات قتل واغتصاب وسرقة واستباحة للاعراض والحرمات لقبائل عرب ومسلمين مثلهم تماما لكنهم يخالفونهم الرأي لا غير, وفي سبيل السلطة والجاه والمال أو للاكراه في الدخول معهم في مذاهبهم الجديدة المختلقة المبتدعة ، مع ان الله تعالى قال (لا اكراه في الدين) ولكن هؤلاء الانذال الاوباش اكرهوا العباد والبلاد للدخول في مذاهبهم الجديدة بالقوة والسيف وبدفع الجزية, وبمساعدة المستعمر الغربي أو بالتواطؤ معهم كما حدث في القرن الثامن عشر والتاسع عشر, وبحجة مكافحة البدع وعبادة القبور وتعليم المسلمين التوحيد الصحيح لله وفق الوحي الذي انزل على محمد ابن عبد الوهاب أو اجتهاداته التي ابتدعها في منتصف القرن السابع عشر’ وقد وصلت غزواتهم الاجرامية الى مشارف بلاد الشام لطلب الدخول بدينهم الجديد او لدفع الجذية أو الحرب 00وقد حصلت مناوشات وحروب واعتداءات ولكن الله سلم , والتفاصيل موجودة بغزارة في بطون كتب التاريخ وعلى صفحات الانترنت لمحبي الاطلاع والتأكد من ذالك ..ثم يتشدقون الان بعبارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان00فكيف نستطيع تصديقهم ,
أو الوثوق بهم , وهل للثعلب دين او مذهب00
وبعدئذ جائت الفاشية في ايطاليا والنازية في المانيا والستالينية في روسيا والحروب الاولى والثانية وما صاحب كل ذالك من قتل وارهاب وابادة جماعية بعشرات بل بمئات الملايين كعلامة على التقدم الانساني والعلمي والتقني00يا لعجائب هذا القرن وهذه الحضارة00
وما تم ذكره هو نماذج بسيطة فقط عن جرائم القتل والابادة التي حصلت بفعل الشرق والغرب على السواء00
والسؤال المطروح : هل الدول التي قامت على القتل والارهاب والابادة له الحق بالتشدق بالديمقراطية وحمايتها فضلا عن ادعاء امتلاكها أو تصديرها وهل فاقد الشيء يعطيه000
وهل الامارات والممالك الاسلامية التي قامت على تكفير الاخر واستباحة دمه وعرضه وماله حتى يدخل في دينها ومعتقداتها ويخضع لها’ هل لهؤلاء الحق بالحديث عن الديمقراطية ..وبلادهم وقراهم لا زالت تنزف دما وبصمت مريب00
وهل جرائم القتل والابادة والتنكيل والتعذيب والسرقة تذهب بالتقادم 00أم تبقى أبد الدهر كما بقيت قصة اصحاب الآخدود 0بالقرءان الكريم0
هذه دعوة متواضعة للتبصر والعبرة والوعي والبعد عن القتل وجرائم الابادة والاعتداء والاغتصاب والسرقة 00 ووللحذر من الحساب القادم 00ولا تحسبن الله غافلا عما يفعل الظالمون00انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار