.. بسم الله الرحمن الرحيم.
. الحمد لله رب العالمين..والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى أزواجه وذريته وأصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.
.وبعد.
نعم انه سؤال فطري قد يراود الكبير كما يراود الصغير..وقد راود الانسان منذ القدم..وحاول كل الاجابة على هذا السؤال..حسب عصره ومستواه وبيئته.. ولم يترك القرءان الكريم الانسان في حيرة من أمره..ولم يتجاهل امثال هذه الاسئلة البديهية التي قد تراود الانسان من حين لأخر ومن عصر لأخر..والله تعالى هو الخبير العليم بمكنون وطبع الانسان الذي خلقه ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.)سورة الملك.. بلا ان الله هو العليم الخبير بالانسان وبما جبل عليه ..من حب الفضول وحب المعرفة ..والتسرع بالاسئلة والاستفسارات عن كل ما يسمعه او يسمع عنه..لاستكشافه ومعرفته اكثر..وفي هذا السياق..سأل الانسان هذا السؤال .. ولكن هنا فقط السؤال خطأ.. لأن الله تعالى ليس شيئا كالاشياء المعهودة..التي يسأل عنها ب: أين وكيف ومتى.لأن الله تعالى كان قبل الزمان والمكان وانه خالقهما وفاطرهما من العدم..لكن مع ذالك جاء الجواب بل الاجوبة من الله تعالى للانسان..على اسئلته المشروعة وغير المشروعة..فالاسلام هو دين العقل والمنطق. قال تعالى : (واذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداعي اذا دعاني..فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون.)وهكذا تم التأكيد للسائل عن الله تعالى ان الله تعالى قريب..ودليل قربه انه يجيب دعوة الداعي اذا دعاه.وهذه اجابة لطيفة ومقنعة جدا .. وفيها دليل ملموس مجرب ..وهو اجابة الدعاء لمن دعاه..وبذالك تم تجاوز السؤال: اين الله ..الى التأكيد على ضرورة الايمان بالله تعالى والاستجابة لأمره بالدعاء ..للحصول على الرشاد والهداية من الله تعالى .. وقال تعالى في موقع أخر : ( وهو معكم أينما كنتم.).. وقال تعالى لنبيه صلى الله عله وسلم (:فانك بأعيننا ..) وقال تعالى
فلا تضربوا لله الامثال ). وقال تعالى : (فانظر الى اثار رحمة الله )وهذا تعليم للانسان للتفكر في ملكوت السموات والارض.. وفي التفكر في آثار رحمة الله..فهي تدل عليه أيما دلالة..وآثار رحمة الله تعالى موجودة في ثنايا وخبايا ومظاهر الوجود اجمع من حولنا.. وقال تعالى : (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار). وقال تعالى :لسيدنا موسى
لن تراني.). وقال تعالى
فأينما تولوا فثم وجه الله ).. وقال الله تعالى : (الله نور السموات والارض..). وقال الله تعالى
ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار.). ونقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم : (تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في ذات الله )او فيما قال صلى الله عليه وسلم .. وقيل شعرا : والعجز عن درك الادراك ادراك والفكر في ذات الاله اشراك. وقيل شعرا ايضا : والله ما هذا الوجود الا دليلا للمعبود..
ثم ما أن ينخرط المسلم في تطبيق شرع الله تعالى ..والاقبال على النوافل بعد الفرائض..والاكثار من ذكر الله تعالى .. والاكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..والاقبال على تلاوة القرءان الكريم والتفكر والتدبر فيه. ..ومصاحبة الصالحين...حتى يترسخ الايمان العقلي وينقلب الى ايمان قلبي وروحي ..ويصبح عالما بصفات واسماء الله تعالى ..فيعيشها واقعا في حياته واوقاته كلها ......وذالك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم..
والحقيقة التي لا ريب فيها ان الله تعالى قريب جدا من عباده الى درجة ان أي مسلم يستطيع مخاطبة الله تعالى ومناجاته في أي وقت يريد عن طريق أداءه للصلاة ..الصلاة التي هي صلة بين العبد وربه مباشرة ..وان اوقات هذه المخاطبة والمناجاة مفتوحة وغير محددة كرما من الله تعالى على عباده المؤمنين..وأنعم به من رب كريم..
كما ان أي مؤمن يستطيع -ان شاء – سماع كلام الله تعالى في أي وقت يريد ويكفيه أن يقبل على تلاوة القرءان الكريم ..الذي هو خطاب مباشر من الله تعالى للانسان بشكل عام وللمؤمنين بشكل خاص...وبعد هذا الكلام يتلاشى السؤال : أين الله تعالى.. ليتحول الى سؤال آخر : أين الانسان من الله تعالى وبأي شيء هو مشغول به عنه...
وهكذا يكون قوله تعالى (.. فاني قريب أجيب دعوة الداعي اذا دعاني ..) ذا معاني لطيفة غير متناهية وذا دلالات عميقة ..كلها تدعوا الانسان الى الله تعالى ..ومما لا شك فيه ان كل هذه الخيرات العميمة جائت للانسان عن طرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ...اذ هو الرسول بين الله تعالى وعباده ..(وانك لتهدي الى صراط مستقيم )..
والله أعلم..
.. والحمد لله رب العالمين